responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 207
أَوْ عَنْ عَزْمٍ لِأَنَّ النَّهْيَ هُوَ طَلَبُ تَرْكِ فِعْلٍ سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَبُ بَعْدَ تَلَبُّسِ الْمَطْلُوبِ بِالْفِعْلِ أَوْ قَبْلَ تَلَبُّسِهِ بِهِ قَالَ النَّابِغَةُ:
لَقَدْ نَهَيْتُ بَنِي ذُبْيَانَ عَنْ أُقُرٍ ... وَعَنْ تَرَبُّعِهِمْ فِي كُلِّ إِصْفَارٍ
أَيْ عَنِ الْوُقُوعِ فِي ذَلِك.
[193]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 193]
وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ (193)
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ [الْبَقَرَة: 190] وَكَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَلَّا تُعْطَفَ هَذِهِ الْجُمْلَةُ لِأَنَّهَا مُبَيِّنَةٌ لِمَا أُجْمِلَ مِنْ غَايَةِ الْأَمْرِ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ وَلَكِنَّهَا عُطِفَتْ لِمَا وَقَعَ مِنَ الْفَصْلِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجُمْلَةِ الْمُبَيِّنَةِ.
وَقَدْ تَضَمَّنَتِ الْجُمَلُ السَّابِقَةُ مِنْ قَوْلِهِ: وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ [الْبَقَرَة:
191] إِلَى هُنَا تَفْصِيلًا لِجُمْلَةِ وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ لِأَنَّ عُمُومَ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ تَنْشَأُ عَنْهُ احْتِمَالَاتٌ فِي الْأَحْوَالِ وَالْأَزْمِنَةِ وَالْبِقَاعِ وَقَدِ انْقَضَى بَيَانُ أَحْوَالِ
الْبِقَاعِ وَأَفْضَتِ التَّوْبَةُ الْآنَ إِلَى بَيَانِ تَحْدِيدِ الْأَحْوَالِ بِغَايَةِ أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ. فَإِذَا انْتَهَتِ الْفِتْنَةُ فَتِلْكَ غَايَةُ الْقِتَالِ، أَيْ إِنْ خَاسُوا بِالْعَهْدِ وَخَفَرُوا الذِّمَّةَ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي بَيْنَكُمْ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ فَقَدْ أَصْبَحْتُمْ فِي حِلٍّ مِنْ عَهْدِهِمْ فَلَكُمْ أَنْ تُقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ أُخْرَى مِنْ بَعْدُ يَفْتِنُونَكُمْ بِهَا وَحَتَّى يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ، فَهَذَا كُلُّهُ مُعَلَّقٌ بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ [الْبَقَرَة: 191] ، فَإِعَادَةُ فِعْلِ وَقاتِلُوهُمْ لِتُبْنَى عَلَيْهِ الْغَايَةُ بِقَوْلِهِ: حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَبِتِلْكَ الْغَايَةِ حَصَلَتِ الْمُغَايَرَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهِيَ الَّتِي بِاعْتِبَارِهَا سَاغَ عَطْفُهُ عَلَى مِثْلِهِ. فَ (حَتَّى) فِي قَوْلِهِ: حَتَّى لَا تَكُونَ إِمَّا أَنْ تُجْعَلَ لِلْغَايَةِ مُرَادِفَةَ إِلَى، وَإِمَّا أَنْ تُجْعَلَ بِمَعْنَى كَيِ التَّعْلِيلِيَّةِ وَهُمَا مُتَلَازِمَانِ لِأَنَّ الْقِتَال لما غيي بِذَلِكَ تَعَيَّنَ أَنَّ الْغَايَةَ هِيَ الْمَقْصِدُ، وَمَتَّى كَانَتِ الْغَايَةُ غَيْرَ حِسِّيَّةٍ نَشَأَ عَنْ (حَتَّى) مَعْنَى التَّعْلِيلِ، فَإِنَّ الْعِلَّةَ غَايَةٌ اعْتِبَارِيَّةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ [الْبَقَرَة: 217] . وأيّا مَا كَانَ فَالْمُضَارِعُ مَنْصُوبٌ بعد (حَتَّى) بِأَن مُضْمَرَةً لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَرَتُّبِ الْغَايَةِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 207
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست